تُعَد حرفة النجارة من الحرف التقليدية في منطقة القطيف باعتبارها من المهن الأساسية والمهمة والتي لعبت دورًا تاريخيًا منذ القدم، حيث أبدع النجارون القدامى في القطيف وتفننوا في العديد من الصناعات اليدوية الخشبية من خلال تشكيلها وتهذيبها لإضفاء الجمال عليها. بأسلوب فني يمتاز بالدقة والابداع.

ومن الرواد الأوائل القدامى في منطقة القطيف الذين عملوا في مهنة النجارة وبالتحديد من بلدة الدبَّابيَّة: –
{(1) النجار الحاجّ مرزوق مهدي آل مديفع “أبو أحمد”}
يُعَد الحاجّ مرزوق آل مديفع “أبو أحمد”(1) المولود عام (1335هـ /1916م)، أحد النجْارين الحرفيين القدامى الأوائل والمشهورين في مجال النجارة على مستوى مدينة القطيف المحروسة، حيث كانت بداياته العمل مع أبيه الحاجّ “مهدي” في مهنة الفلاحة في النخيل والبساتين التابعة لهم.

وفي منتصف الستينيات من القرن الهجري الماضي ، اتجه الحاج مرزوق نحو مهنة النجارة تاركًا العمل في الفلاحة حيث كانت بداياته في العمل هي التنقل بالعدة “أدوات النجّار” الذي يعتمد عليها وهي مجموعة من الأدوات اليدوية وأبرزها (المطرقة – المفك – الكماشة – المنشار) بين مناطق القطيف وقراها لصيانة وإصلاح وتركيب كافة أنواع الأبواب والشبابيك الخشبية سواء أكانت مكسورة أو تالفة أو بها خدوش وتشوهات أو بحاجة إلى إعادة تجميع القطع القديمة للمنازل السكنية أو المحلات،،،
بعدها تطور في عمله وفتح ورشة نجارة “منجرة” في سكة الحرية في موقع يعرف بإسم “نص دياجة” التابعة لسّيحة الدبَّابيَّة في شارع جعفر الخطي والمعروف حاليًا بـ “شارع بدر” وقد عمل معه أخيه المرحوم “حسن” وابنه المرحوم الحاجّ أحمد “أبوعلي” المتوفي عام 1443هـ، والنجّار الحرفي الحاجّ مهدي محمد علي الخراري “أبو محمد” الذي عمل في المنجرة أكثر من أربعين عامًا.



وقد كانت أعمال الحاجّ مرزوق آل مديفع من النجارة بجميع أنواعها الخشبية تتميز باللمسات الفنية الرائعة، ولذلك أكتسب سمعة حسنة وشهرة واسعة في جميع مناطق القطيف وقراها. ومن أهم أعماله بوابات حسينية آل مديفع سواء أكانت البوابة الرئيسية أو الداخلية أو البوابة الخلفية مقابل بيت الحاج ّ سعيد يوسف الجراميز “أبوعبد الهادي” والشبابيك الخشبية بالإضافة الى منبر القراءة، وأيضًا نجارة الأبواب وجميع النوافذ الخشبية التي تتميز بها حسينية السيد جعفر السيد أحمد آل ماجد، وأيضًا كافة شبابيك حسينية النسوان “النساء” في الدبَّابيَّة. كما عمل في بيت عمدة دارين وبيت الحاجّ ناصر المشيخص من أهالي العوامية ومن جزيرة تاروت بيت عائلة المعلم وغيرهم الكثير.

وبعد مدة طويلة من العمل في سكة الحرية إنتقل إلى محل آخر في شارع ابن المغترب حتى أزيلت جميع محلات النجارة بعدما التهمت النيران المنجرة مع العديد من الدكاكين، إثر حريق نشب في سكة الحرية في أوائل عام (1400هـ/1979م) ثم ثم إعادة بنائها مرة أخرى.
وفي عام (1410هـ/1989م) انتقلت المنجرة إلى التركية الصناعية حتى أقفلت بشكل نهائي عام (1430هـ، /2008م) وقد توفي الحاجّ مرزوق مهدي آل مديفع بتاريخ (25/12/1425هـ) عن عمرٍٍ ناهز 90 عامًا. ودُفِن في مقبرة الدبَّابيَّة.


{(2) النجار السيد محمد هاشم الماجد (أبو سيد ضياء) الشهير بـ “النجار”}
ارتبط لقب وشهرة بعض العوائل بمسمى المهنة الذين يعملون فيها ، ولذلك نجد كثيرًا من المهن ومنها النجارة، باتت لقبًا لعائلات عديدة ومنهم السيد محمد – رحمه الله – الذي كان معروفًا في بلدة الدبَّابيَّة والمنطقة بإسم مهنته.

والسيد محمد السيد هاشم الماجد الشهير بـ ” النجار ” صاحب المنجرة المعروفة بإسم “الحوطة” والتي تعتبر من أكبر المناجر في سكة الحرية آنذاك وهي تقع في مكان مستودع الحاجّ حسن بن حسن الدهان.
وكان السيد محمد الماجد – رحمه الله – حرفي منذ الصغر، فقد تعلم مهنة النجارة في سن مبكرة، ورغم الصعوبات التي واجهها فإن الرغبة التي يمتلكها دفعته بالتمسك بالمهنة واحترفها حتى صار من أشهر وأمهر النجارين الحرفيين القدامى على مستوى منطقة القطيف، حيث أبدع في فن الزخرفة والحفر والنقش على الأبواب والشبابيك الخشبية بجميع أحجامها وأنواعها،
فإنتاجه المتميز بالإتقان العالي يستهوي الكثير من الناس بسبب تميزها بالجودة والإبداع والدقة العالية. بالإضافة؛ أنه يقوم بصناعة الصناديق الخشبية للسيارات والصناديق الخاصة التي توضع فيها الأسماك. ومن أعماله المتميزة “الدروازة” الكبيرة لمنزل عائلة آل إسماعيل في الدبَّابيَّة..

وقد عمل معه مجموعة من النجاريْن المعروفين في مدينة القطيف منهم:
1- النجار الحاجّ أحمد بن أحمد كلالة “أبو خالد”
2- النجار الحاجّ أحمد آل حمادة “أبو نادر”
3- النجار الحاجّ مهدي منصور المحروس “أبو منصور”
4- النجار السيد علوي السيد صالح السادة “أبو السيد محمد”
5- السيد علوي السيد جعفر آل شرف “أبو سيد جعفر” (فترة من الزمن).
6- النجار الحاجّ حسن مهدي علي آل اخوان “أبو عادل”
7- النجار السيد صالح السيد صالح علوي آل السيد صالح “أبو سيد هادي”
8- النجار السيد أحمد ناصر المسحر “أبو سيد عدنان”
9- النجار الحاجّ حبيب الشيوخ “أبو عبد الأمير”
10- النجار الحاجّ عبد الله أحمد علي آل سليم “أبو جعفر”.
وبعد وفاة السيد محمد الماجد الشهير بـ ” النجار ” عام (1388 هـ / 1968م) تقريبًا في حادث مؤلم في قرية القديح، إشترى المنجرة النجاريْن العاملين معه كلا من: الحاجّ أحمد بن أحمد كلالة مع الحاجّ مهدي منصور المحروس بالشراكة معًا.
{(3) النجّار الحاجّ عبد الله أحمد علي آل سليم “أبو جعفر”}
كان النجّار الحاجّ عبد الله “أبو جعفر” – رحمه الله – تعلم مهنة النجارة منذ الصغر وعمره آنذاك عشر سنوات تقريبًا على يد النجار الحرفي السيد محمد الماجد الشهير بـ “النجار” ثم التحق بمنجرة الحاجّ علي البابا بمسمى “نجارًا” بسكة الحرية قرابة 6 سنوات، وبعدها فتح منجرة في مدينة الدمام لبضع سنوات ثم اقفلها بشكل نهائي.

وقد فتح الحاجّ عبد الله – رحمه الله – عند رجوعه إلى مدينة القطيف منجرة في سكة الحرية بجوار النجّار السيد علوي القلاف، بمساعدة أبناؤه المرحوم الحاجّ “جعفر” والحاجّ “صادق” والحاجّ “علي” فترة من الزمن. كما عمل معه الحاجّ إبراهيم صالح الدبوس “أبو صلاح” عدة سنوات وبعدها التحق بوظيفة حكومية.

وفي هذه الأثناء تعرف على النجّار الحرفي الحاجّ أبو إبراهيم الحجري من قرية “الحجر”(2) بالبحرين عن طريق أعمامه النوخذة جاسم آل سليم والنوخذة عيسى آل سليم، والتي تقع منجرته في سوق باب البحرين في العاصمة المنامة، حيث أخذ منه المعلومات والطريقة فيما يتعلق بفن النقش والحفر على الأبواب والشبابيك الخشبية، حتى صار حرفي بفن النقش والحفر التي تتطلب الكثير من الدقة والمهارة والابداع.
وفي أواخر عام (1413هـ/1992م) تقريبًا أقفل منجرته في سكة الحرية بشكل نهائي، وفتح منجرة أخرى صغيرة في أحد البيوت داخل الدبَّابيَّة بجوار بيت الحاجّ عباس عبد الله التتان “أبو فاضل” حتى أخر حياته.
وقد توفي الحاجّ عبد الله آل سليم يوم الخميس الموافق 23 من شهر ربيع الثاني 1420هـ ودُفِن بمقبرة الدبَّابيَّة القسم الشرقي من جهة الشمال المعروفة بـ “العودة”.
{(4) النجّار الحاجّ حسن مهدي علي آل اخوان “أبو عادل”}
كان الحاجّ حسن آل اخوان – رحمه الله – يعمل مع عمه “السيد عباس القلاف” في مهنة القلافة، منذ الصغر وعمره آنذاك 7 سنوات، وبعد وفاة عمه، اتجه إلى مهنة النجارة في سكة الحرية بالعمل مع النجار الحرفي السيد محمد الماجد الشهير بـ “النجار” ثم بعد ذلك فتح منجرة بجوار النجار الحاجّ مرزوق أحمد آل مديفع “أبو أحمد” وكان صاحب مهارة عالية بفن النجارة وكان مشهور في عمل صناعة وتركيب الصناديق الخشبية على السيارات (الباصات) لتحويلها إلى حافلات لنقل الناس فيها. حيث اشتهرت مدينة القطيف في ذلك الوقت بصناعة الصناديق الخشبية للسيارات والباصات بجميع أنواعها(3).
والنجار حسن آل اخوان – رحمه الله – كان أيضا يقوم بصناعة الصناديق الخشبية التي تكون مبطنة من الداخل بألواح الشينكو المعدنية لتخزين الأسماك بعد وضع الثلج فيها.
وقد توفي الحاجّ حسن مهدي آل اخوان يوم الاثنين الموافق (1/11/1438هـ) ودُفِن في مقبرة الدبَّابيَّة.


{(5) أبناء السيد باقر السيد محمد السيد علي السادة}
كان السيد باقر السادة “أبو سيد محمود” المتوفى عام (1432هـ /2010م) تقريبًا، كان يعمل في مهنة القلافة لأكثر من سيعين عامًا في صناعة السفن، مع أبناؤه (السيد محمود – السيد علوي – السيد حسين – السيد ماجد) ثم اتجه أبناؤه الأربعة نحو النجارة حيث أفتتحوا منجرة عام (1395هـ/1975م) في عمارة نصر الله بجانب مقبرة الدبَّابيَّة في الشارع المعروف حاليًا باسم ابن المغترب وبعدها انتقلوا عام (1401هـ/1980م) لفتح منجرة كبيرة بشارع المحيط، لصناعة ونجارة الأبواب والشبابيك والدواليب الخشبية بجميع أحجامها وأنواعها وزخرفتها بأشكالٍ مختلفة ولمسات فنية لإضفاء الجمال عليها وأيضا تصنيع الخزائن المزخرفة بالزخارف القديمة والأرفف الخشبية على أحدث طراز.







{(6) النجار السيد علوي السيد صالح السادة “أبو محمد”}
النجار الحرفي السيد علوي صالح السادة – رحمه الله – من النجارين الذين تعلموا مهنة النجارة على يد النجار الحرفي السيد محمد هاشم الماجد الشهير بـ “النجار“ في سكة الحرية.

وقد فتح النجار السيد علوي السادة منجرة بحي المدارس في شارع الخليفة، وكان متمكن وصاحب دقة وجوة عالية في صناعة ونجارة الأبواب والشبابيك الخشبية بجميع أنواعها وزخرفتها بأشكالٍ مختلفة ذات اللمسات الفنية وذلك لإضفاء الجمال عليها وخصوصا البوابات الكبيرة للمنازل، وأيضًا كان مشهورا بصناعة الصناديق الخشبية للباصات الخاصة بنقل الحجاج(3).


{(7) النجار الحاجّ تقي عبد الله ابن الملا عبد الله المناميين “أبو حسين”}
فتح النجار تقي عبد الله المنامين منجرة في منتصف التسعينات من القرن الهجري الماضي والتي تقع في شارع ابن المغترب ، حاليًا في مكان (مخابز وحلويات العيد) بجوار مسجد الشيخ محمد المعروف بإسم مسجد المناميين. ويقوم بصناعة جميع الأبواب والشبابيك والدواليب والكراسي بجميع أنواعها.
***
نماذج من الأبواب والشبابيك الخشبية القديمة “التراثية” لبعض البيوت في بلدة الدبَّابيَّة:
بوابة بيت الحاجّ منصور عبد الله يوشع البحارنه “أبو أحمد”





نماذج لبعض الشبابيك القديمة “التراثية” في بيوت الدبابية:
الهوامش
_______
(1) ذكره العلّامة الشيخ فرج العمران في كتابه الأزهار الأرجية (10/199) في سنة 1385هـ في صبيحة يوم الأربعاء السادس عشر من الشهر المؤرخ تناولنا الفاكهة والقهوة عند المكرَّم الحاجّ مرزوق مديفع من أهل الدبابية مع جماعة من الزائرين شكر الله سعيه الجميل
(2) قرية الحجر إحدى قرى البحرين والواقعة على شارع البديع وتقع تحديداً ما بين قرية القدم وقرية أبو صيبع. وقد اشتهرت القرية بالزراعة بسبب عذوبة مياه القرية (ويكيبيديا).
(3) قال المؤرخ الأستاذ / عبد الرسول علي الغريافي (وصناعة الباصات الخشبية التي اشتهر بصناعتها أهالي القطيف وخصوصًا في سكة الحرية والي استمرت حتى بداية سبعينات قرن العشرين، وقد ذاع صيتها في الخليج كالكويت وقطر وكذلك الخبر والدمام والاحساء وكان الإقبال على طلب هذا الباص الخشابي كبيرًا وذلك من بلدان مختلفة للحصول عليه، لقد كانت هذه السيارة تجوب بعض الأقطار العربية كالعراق وسوريا والكويت ،،،،،
[شكر وتقدير للإخوة الأعزاء الذين حاورناهم وقدموا لنا بعض الصور والمعلومات ونخص بالذكر: – العم الحاجّ سعيد صالح علي المسلم “أبو عادل” حفظه الله ورعاه، – النجار الحاجّ مهدي محمد علي الخراري – النجار السيد علوي السيد باقر السادة – السيد هاشم السيد محمد الماجد (النجار) – الأستاذ/ ياسر عبد الله آل سليم – الحاجّ كامل حسن مهدي اخوان – السيد ماجد السيد جعفر آل ماجد – والأخ العزيز السيد مرتضى السيد صالح آل السيد صالح الذي كان متواصلا معنا بشكل دائم – حفظهم الله جميعًا].

معلومات ممتازة َ وجهد متميز. شكرا للأستاذ احمد السويكت على هذا المقال، فعلا القطيف كانت تزدهر بمثل هذه الحرف
أحسنتم ابو مصطفى وبارك الله في جهودكم المتواصلة لحفظ التراث والمساهمة في تدوين تاريخ المهن في منطقة القطيف ….