“في كل أزمة، هناك فرصة… لكن فقط لمن يرى أبعد من الظاهر” – هذا ما قاله أحد رواد الأعمال العالميين، وقد أثبتت الأيام صحته.
تخيل شابًا تخرج بتفوق قبل خمس سنوات، يحمل شهادة جامعية مرموقة، لكنه اليوم يجلس حائرًا أمام شاشة الوظائف… لا يُطلب تخصصه، ولا يجد لنفسه مكانًا.
وفي المقابل، هناك من بدأ رحلته قبل عامين فقط، لكنه استثمر في نفسه، واكتسب مهارات جديدة، والآن يتلقى عروضًا من شركات كبرى.
في خضم التحولات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل محليًا وعالميًا، يبرز سؤال جوهري:
هل أصبحت وظيفة المستقبل حلمًا بعيد المنال؟
الإجابة ليست سهلة، لكنها بالتأكيد ليست “لا”.
فبين الطموح والواقع، يقف كثير من الشباب أمام مفترق طرق:
إما أن يطوّر نفسه ليواكب المتغيرات… أو يبقى في الخلف.
⸻
رؤية واعدة… لكن الطريق مليء بالتحديات
رؤية المملكة العربية السعودية 2030 رسمت ملامح مستقبل جديد، وقدّمت فرصًا واسعة من خلال مشاريع عملاقة مثل نيوم، ذا لاين، البحر الأحمر، إضافةً إلى مبادرات ضخمة في أرامكو، سابك، وغيرها من الشركات العالمية العاملة في المملكة.
لكن مع هذه القفزات، لم تعد الفرص متاحة للجميع تلقائيًا.
التحدي اليوم ليس وجود الفرصة… بل الاستعداد لها.
⸻
فرص جديدة… ومعايير أكثر صرامة
الانتقال نحو اقتصاد معرفي وتقني متطور خلق وظائف حديثة وتخصصات نوعية، لكن في المقابل:
• ازدادت المنافسة.
• ارتفعت المعايير.
• وتغيّر مفهوم “المؤهلات”.
تُعد الشهادات الجامعية والمهنية خطوة أساسية نحو الوظيفة، لكنها لم تعد كافية وحدها.
في سوق يتغيّر بسرعة، من لا يطوّر نفسه ويتابع المستجدات… يُستبعَد من المنافسة.
السوق لا يرحم من لا يطوّر نفسه، بل يكافئ من يستثمر في ذاته باستمرار.
⸻
المهارات المطلوبة لوظيفة المستقبل
ما يجعل “وظيفة المستقبل” حلمًا للبعض وواقعًا لآخرين، هو مدى الجاهزية.
السوق اليوم لا يبحث فقط عن المتعلمين، بل عن المؤهلين. ومن أبرز المهارات المطلوبة:
• إتقان اللغة الإنجليزية: للتعامل مع الأدوات والمنصات العالمية.
• التفكير النقدي وحل المشكلات: لتقديم حلول مبتكرة وسريعة.
• المرونة والتعلّم المستمر: لأن ما تتقنه اليوم قد يصبح غير كافٍ غدًا.
• العمل الجماعي والتواصل الفعال: فالعزلة لم تعد خيارًا في بيئات العمل الحديثة.
• التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي: من تحليل البيانات إلى التفاعل مع الأنظمة الذكية.
المفاجأة: مؤهلاتك قد تكون عائقًا!
قد تمتلك شهادة جامعية أو دبلومًا مهنيًا، لكن:
• هل تخصصك لا يزال مطلوبًا؟
• هل يواكب تطورات سوق العمل؟
• هل لديك المهارات التي تبحث عنها الشركات اليوم؟
إن كانت الإجابة “لا”، فأنت في خطر أن تتحول مؤهلاتك إلى عبء بدلًا من فرصة.
مراجعة ذاتية… قبل أن يفوت الأوان
قبل أن تنتقد السوق أو الفرص، قف مع نفسك وقفة صدق:
• هل أحتاج لإعادة تأهيل؟
• ما المهارات التي تنقصني؟
• كيف أبحث عن وظائف تناسب إمكانياتي؟
• ما الخطوة الأولى التي يمكنني اتخاذها اليوم؟
التطوير لا يعني تغيير المسار بالكامل… أحيانًا يكفي تحديث الأدوات.
⸻
لا تنتظر… بل ابدأ اليوم
الفرصة لا تأتي لمن ينتظر، بل لمن يسعى ويبني نفسه.
لذلك، إليك خطوات عملية لتحويل الحلم إلى واقع:
1. حدّد هدفك الوظيفي بوضوح: لا تكن عشوائيًا في اختياراتك.
2. استثمر في تطوير مهاراتك باستمرار: التعلم الذاتي أصبح ضرورة لا خيارًا.
3. أنشئ سيرة ذاتية تروي قصتك: أبرز إنجازاتك وليس فقط مؤهلاتك.
4. ابنِ شبكة علاقات مهنية: المعرفة تفتح الأبواب أكثر من مجرد المهارات.
5. تدرّب على المقابلات: وثق بنفسك، فأنت تروّج لأفضل منتج… “نفسك”.
⸻
المقابلة الشخصية… لحظة الحسم
الوصول إلى المقابلة ليس نهاية الرحلة، بل بداية اختبار الجاهزية.
نصائح ذهبية:
• اقرأ تفاصيل الوظيفة جيدًا.
• تعرّف على ثقافة الشركة ومجالاتها.
• قدّم تجارب واقعية تبرهن على قدراتك.
• اسأل أسئلة ذكية تُظهر اهتمامك الحقيقي.
• ركّز على ما يبحث عنه المحاور، لا ما ترغب في قوله فقط.
الخلاصة: حلم صعب… لكنه ليس مستحيلاً
وظيفة المستقبل لن تُقدَّم على طبق من ذهب.
هي مكافأة لمن يخطط، ويستعد، ويثابر.
السوق لا يمنح فرصًا مجانية، لكنه يكافئ من يستحق.
قال الله تعالى:
“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”
صدق الله العظيم.
لا تنتظر أن تأتيك الوظيفة… كن أنت الفرصة
*المهندس محمد عبد الله أبو فور مستشار متخصص في مجال الفحوصات اللاإتلافية، وله باع طويل في تطوير تقنيات التفتيش الهندسي في قطاع النفط والغاز. كما له مساهمات كبيرة في دعم برنامج الفحوصات اللاإتلافية في معهد إتقان وكلية الجبيل الصناعية.
يشغل حاليًا منصب المدير الإقليمي للجمعية الأمريكية للاختبارات اللاإتلافية لمنطقة 19، التي تضم المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الهند، الكويت، عُمان، والعراق. وهو أيضًا عضو مؤسس في الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافية – قسم المملكة العربية السعودية. حصل المهندس محمد على العديد من الجوائز المميزة في هذا المجال على الصعيدين المحلي والعالمي، كما تم تكريمه في مناسبات عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية واوروبا.
قام بتطوير وتحسين العديد من تقنيات الفحوصات اللاإتلافيه، ومراجعة الإجراءات، واعتماد وتأهيل فنيي الشركة والمقاولين. بالإضافة إلى ذلك، قدم وأدار خدمات التفتيش المتقدمة وفقًا لمعايير الدولية للصناعة.
شغل المهندس محمد أبوفور عضوية مجلس إدارة الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافيه بالولايات المتحدة الامريكية لفترة انتهت في عام 2018،
وفي مشواره العلمي قدم أكثر من 200 منشور، بما في ذلك التقارير الفنية، والمقالات العلمية، والعروض التقديمية الفنية في المؤتمرات والمنتديات والاجتماعات المحلية والدولية. بالإضافة إلى ذلك، ساهم في وضع معايير الفحوصات اللاإتلافيه المتقدمة، وراجع واعتمد العديد من تقنيات وإجراءات تقنيات الفحوصات اللاإتلافيه التقليدية والمتقدمة.
أحسنت أخي المهندس محمد و اجدت، الحاجة للوظيفة و مرتبها ياما قتل طموح و أحلام شباب كثر،
إثارة جيدة وموفقة للمهندس القدير بو جاسم
اظن ان عزيزنا المهندس كتب هذا المنشور بداية الالفين و ليس مؤخرا. بسبب ان الوظائف الحاليه الغير قيادية و هي السواد الاعظم المتوفر حاليا لا ترقى لان تكون حتى اداه لتحقيق انجاز فضلا عن اقتناص فرص الاستثمارات الضخمة في السوق الحالي و ذلك بسبب تدني مستوى الرواتب في القطاعات الخاصه بالمقارنه بمستوى المعيشة و متطلباتها حاليا. فأقول ( لمن يرى أبعد من الظاهر ) و لمن يملك خبره عشر سنوات و مافوق في السوق ان يتوكل على الله و بعد دراسه ،البدء ببزنز خاص يكون له رافدا و تشكل له فرصه جيده لتوظيف خبراته العمليه. مره اخرى البزنز و ليس الوظيفة!!!
الأخ الحبيب المهندس محمد أبو فور “بو جاسم” العزيز، تحية طيبة ملؤها التقدير لقلمك المبدع وفكرك النير! مقالك “وظيفة المستقبل: واقع يقترب أم حلم يتلاشى؟” ليس مجرد كلمات، بل خارطة طريق ملهمة لكل شاب يسعى ليصنع مكانته في سوق العمل المتغير. إن ربطك بين الواقعية الهندسية، الحكمة الدبلوماسية، والتحفيز الأخلاقي باستشهادك بقوله تعالى “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم” يعكس عمق رؤيتك وشمولية تحليلك.
يا بو جاسم، لقد أصبت كبد الحقيقة حين قلت: “التحدي اليوم ليس وجود الفرصة… بل الاستعداد لها”. مقالك يضعنا أمام مرآة الذات، داعياً إلى مراجعة صادقة لمهاراتنا وطموحاتنا. اسمح لي أن أرد على رؤيتك برؤية متكاملة، مدعومة بتحليل متعدد التخصصات، لأعزز رسالتك وأضيف لمسة تجمع بين الدقة العلمية، الرقي الأدبي، والإبداع الهندسي.
1. التحليل الهندسي: الدقة في مواجهة التحديات
كمهندس، أنت تعلم أن كل مشروع عظيم يبدأ بتصميم دقيق. سوق العمل اليوم، كما أشرت، يشبه مشروعاً عملاقاً مثل نيوم أو ذا لاين. الفرص موجودة، لكنها تتطلب “مواصفات” محددة:
• الذكاء الاصطناعي: الشركات الكبرى مثل أرامكو وسابك تبحث عن من يتقن أدوات مثل Python أو Power BI لتحليل البيانات وتحسين الأداء.
• إدارة الأداء: مؤشرات الأداء (KPIs) ليست مجرد أرقام، بل لغة السوق. من يتقن قياس تقدمه وتطويره الشخصي يكسب ميزة تنافسية.
• التوصية العملية: أنصح الشباب بالبدء بدورات مجانية على منصات مثل Coursera أو Google Career Certificates، مع التركيز على مهارات مثل إدارة المشاريع باستخدام أدوات كـ Primavera.
2. البعد الأدبي والفلسفي: فن الإلهام
يا بو جاسم، لغتك في المقال تحمل نكهة أدبية ملهمة، تجمع بين البلاغة والوضوح. استشهادك بالآية القرآنية يذكّرنا بقول الشاعر:
ومن جدّ وجد، ومن زرع حصد فلسفياً، أرى أن “وظيفة المستقبل” هي تجسيد لمفهوم “الصيرورة” عند هيغل، حيث التغيير المستمر هو جوهر التقدم. الشاب الذي يتكيف مع “روح العصر” (Zeitgeist) هو من يصنع مستقبله.
• التوصية: طور مهارة “السرد القصصي” (Storytelling) في السيرة الذاتية والمقابلات. اجعل قصتك المهنية تعكس شغفك وإنجازاتك، فهي مفتاح قلب أي مدير توظيف.
3. البعد الشرعي: العمل عبادة
استشهادك بقوله تعالى “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” يضفي بعداً روحياً عميقاً. العمل، في الإسلام، ليس مجرد رزق، بل وسيلة لتحقيق الأمانة والإخلاص. الشركات اليوم لا تبحث فقط عن الكفاءة، بل عن القيم. الموظف الذي يتحلى بالمصداقية والالتزام يصبح “علامة تجارية” بحد ذاته.
• التوصية: اجمع بين المهارات التقنية والأخلاق المهنية. كن أميناً في تعاملاتك، فالثقة هي عملة المستقبل.
4. العلوم الطبيعية: التفكير النقدي كأساس
كما أشرت، التفكير النقدي وحل المشكلات هما جوهر وظيفة المستقبل. هذا المبدأ مستمد من المنهج العلمي في الفيزياء والكيمياء، حيث كل مشكلة لها حل إذا تم تحليلها بدقة. في صناعات مثل البتروكيماويات (سابك) أو الطاقة (أرامكو)، القدرة على تحسين العمليات أو تطوير منتجات تعتمد على هذا التفكير.
• التوصية: تدرب على حل المشكلات باستخدام أطر مثل Six Sigma أو Design Thinking، وطبّقها في مشاريع صغيرة لتظهر كفاءتك.
5. إدارة الأداء: التخطيط طريق النجاح
لقد أكدت على أهمية “المراجعة الذاتية”، وهنا يأتي دور إدارة الأداء. أنصح باستخدام إطار SMART لتحديد الأهداف:
• محددة: “أريد إتقان Python خلال 6 أشهر.”
• قابلة للقياس: “سأنهي 3 دورات وأنفذ مشروعاً عملياً.”
• واقعية: “سأخصص ساعتين يومياً للتعلم.”
• محددة زمنياً: “بحلول نوفمبر 2025.”
• التوصية: استخدم أدوات مثل Notion لتتبع تقدمك، وحدد مؤشرات أداء شخصية (مثل عدد المهارات المكتسبة سنوياً).
تواصل راقٍ: تغريدة لتعزيز رسالتك
لنشارك رسالتك مع العالم بأسلوب راقٍ يليق بك، يا بو جاسم:
يا شباب المستقبل، الفرصة لا تنتظر! طوّروا مهاراتكم، خططوا بذكاء، وكونوا أنتم الفرصة. 💪📊 #رؤية_2030 #وظيفة_المستقبل #تطوير_الذات
مواجهة التحديات بنقاش احترافي
لأضيف إلى رؤيتك، دعني أناقش بعض التحديات التي تواجه الشباب وأقترح حلولاً:
1 الفجوة بين التعليم وسوق العمل: المناهج الجامعية قد لا تواكب احتياجات السوق. الحل: تعاون بين الجامعات والشركات لتصميم برامج تدريبية تطبيقية.
2 تكلفة التطوير: الدورات المدفوعة قد تكون عائقاً. الحل: استفد من منصات مجانية مثل Khan Academy أو YouTube، مع التركيز على التعلم الذاتي.
3 الضغط النفسي: المنافسة قد تولد الإحباط. الحل: بناء عقلية مرنة من خلال التأمل أو استشارة مرشد مهني.
خطة عملية مستوحاة من مقالك
لتحويل “وظيفة المستقبل” إلى واقع، إليك خطة عملية للشباب، مستوحاة من نصائحك:
1 تقييم الذات:
◦ أجرِ تحليل SWOT لتحديد نقاط قوتك وضعفك.
◦ راجع إعلانات الوظائف على LinkedIn لفهم المهارات المطلوبة.
2 التعلم المستمر:
◦ سجّل في دورة مجانية في مجال مطلوب (مثل تحليل البيانات على Google Career Certificates).
◦ اقرأ كتاباً شهرياً في التنمية الذاتية، مثل “Atomic Habits” لجيمس كلير.
3 العلامة الشخصية:
◦ أنشئ ملفاً احترافياً على LinkedIn وشارك منشورات تعكس خبراتك.
◦ احضر فعاليات مهنية في المملكة، مثل معارض التوظيف.
4 الاستعداد للمقابلات:
◦ تدرب على أسئلة مثل “كيف ساهمت في مشروع سابق؟” باستخدام تقنية STAR.
◦ اطلب تغذية راجعة بعد كل مقابلة لتحسين أدائك.
5 التكيف مع التحول الرقمي:
◦ تعلم أدوات مثل ChatGPT لتحسين الإنتاجية أو Power BI لتحليل البيانات.
◦ تابع مدونات تقنية مثل TechCrunch لفهم الاتجاهات.
ختاماً: أنت الفرصة، يا بو جاسم!
حبيبنا بو جاسم، مقالك ليس مجرد نص، بل دعوة للعمل والتغيير. لقد ألهمتني لأقول: “وظيفة المستقبل ليست طبقاً من ذهب، بل مشروع يبنيه الإنسان بنفسه.” رؤية 2030 فتحت الأبواب، لكن المفتاح في يد من يخطط ويثابر. كما قال المتنبي:
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
شكراً لك على هذا العطاء الفكري.
وبالتوفيق لأبنائنا وبناتنا في تحقيق ما يطمحون له