ليالي القمبار – بقلم عبد الرسول الغريافي*

طوال ليالي الصيف بدءا من يوليو يدخل البحارة (القمبارية) البحر عند الشواطئ الرملية الضحلة للصيد بطريقة تقليدية تعرف بالقميار فيقال: “طالعين القمبار” وتبدأ رحلتهم من بداية الليل والبعض يبقى حتى منتصف الليل أو مابعده، وهي إحدى طرق الصيد التقليدية التي عرفها القطيفيون منذ القدم غير أنها لاتعتبر احترافية إذ لايتبعها الصيادون المحترفون وإنما المسترزقون وكذلك الهواة (وهم الأغلبية) الذين يصيدون من أجل الاستهلاك المنزلي وكذلك لتوزيعه بين الأهل والأصدقاء.

أما الأدوات المستعملة فأهمها الصاخوب وهو أداة اسطوانية الشكل قمعية بحيث تكون فوهتها العلوية اضيق من فوهتها السفلية إذ تبلغ فوهته العلوية أقل من ٣٠سم وأما فوهته السفلية فقد تصل إلى ٧٠سم ويصل ارتفاعه إلى ٨٠ سم تقريباً، وهذا الصاخوب يصنع من شجر الإثل أو الطرفة يكون على شكل حظار ويتم تثبيته ببعضة بحبل رقيق.


ومن الأدوات المهمة أيضاً المشعل أو لسراجة أو اللمبة وكانت في الماضي عبارة عن حاوية معدنية اسطوانية الشكل يبلغ ارتفاعها ٣٠سم تقريبا ويعلوها غطاء علوي قمعي الشكل بفتحة صغيرة في القمة تدخل منها فتيلة من خيوط السوتلي فيكون طرفها السفلي في خزان هذه الحاوية المملؤة بالكيروسن واما طرفها العلوي فيثبت عند خارج الفوهة بعجينة من التمر حيث تشعل هذه الفتيلة للإضاءة.

ومن الأدواة المستعملة أيضاً المنتاب وهو خطاف من المعدن يستعمل لرفع الأسمك الكبيرة.
الجراب: وهو حاوية من خوص النخيل تستعمل لحفظ الأسماك فيها أثناء الصيد.

عدد الصيادين لكل مجموعة أو لكل صاخوب شخصين: أحدهما يحمل الصاخوب من الطرف العلوي استعدادا للصيد، والآخر يحمل المشعل للإنارة ويحمل على ظهره الجراب الخوصي الذي يحفظ فيه الأسماك.

طريقة الصيد: يمشي الصيادان بجانب بعضهما حاملا أحدهما المشعل أو لسراجة التي تضيء البقعة التي يمشون فيها والغرض هنا من الإضاءة ليست الإضاءة فحسب وإنما الأسماك تتبع البقعة الضوئية لدرجة أن بعضها تهجم عليها عندها يطبق الصياد الصاخوب على تلك الأسماك فيرفعها بالمنتاب إن كانت كبيرة لتجنب جرح يده وأما إن كانت صغيرة فيكتفي برفعها باليد ثم تحفظ في الجراب.

هذه الطريقة انتهت بانتهاء تلك الشواطيء التي بنيت على شواطئها الأحياء السكنية الجديدة منذ بداية الثمانينات ومع أنها قد استمرت في بعض المناطق كسواحل الزور والسنابس إلى عهد قريب ولكنها قد استبدلت بعض الأدوات مثل مواد الصاخوب بقراقير صغيرة (اقفاص من السلك) بشكل قمعي.

طريقة الصيد هذه وإن كانت في الغالب للهواة إلا أنها فتحت مهن أخرى يسترزق منها الآخرون كصنّاع الصواخيب وكذلك التنّاك الذي يصنع السراجة والحداد الذي يقوم بصناعة المنتاب وكذلك سفافي الخوصيات حيث يقومون بسف جراب خاص له ميزات تتوافق مع طبيعة هذه المهنة.

*الأستاذ عبد الرسول الغريافي باحث في التراث ومؤرخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *