المصدر: Freepik.com

“إعادة التخضير” للإنقاذ: إمكانية الصحاري لاحتجاز الكربون – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

“Re-Greening” to the Rescue: The Carbon Capture Potential of Deserts
(CELL PRESS – بواسطة: سل برس)

 ملخص المقالة:

يقترح باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية اعادة تخضير الصحاري باستخدام نباتات وتربة محددة لإنشاء أنظمة فعالة لالتقاط الكربون، مما يوفر حلاً لا يتنافس مع استخدام الأراضي الزراعية. وتستفيد هذه الطريقة من نباتات المناطق القاحلة المتكيفة التي تنتج الأوكسالات، التي تستخدمها بعض ميكروبات التربة كمصدر وحيد للكربون، وبذلك تفرز جزيئات الكربونات في التربة التي تتحلل عادة بسرعة.

( المقالة )

يقترح الباحثون استخدام الأراضي القاحلة مع نباتات وتربة محددة لإنشاء أنظمة فعالة لالتقاط الكربون، مما يوفر حلاً لا يتنافس مع استخدام الأراضي الزراعية.

معدل النمو السنوي لمجمعات الكربون الجوي (السهم الأزرق) هو الفرق بين الانبعاثات من الوقود الأحفوري (9.6 غيغا طن من الكربون)، وتغير استخدام الأراضي (1.2 غيغا طن من الكربون)، وامتصاص الكربون إلى مجمعات الكربوم الأرضية (3.1 غيغا طن من الكربون) ومجمعات الكربون في المحيطات (2.9 غيغا طن من الكربون). يتم هنا عرض تدفقات الكربون الأرضية فقط. المصدر: “اتجاهات في علوم النبات”[1] (Trends in Plant Science)، هيرت وآخرون.
وسوف يتطلب خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أكثر من مجرد خفض الانبعاثات ـ سنحتاج أيضاً إلى احتجاز وتخزين الكميات المفرطة من الكربون المنبعث بالفعل. وفي مقال رأي نُشر في مجلة “اتجاهات في علوم النبات” في 21 سبتمبر، جادل فريق من علماء النبات بأن الأراضي القاحلة مثل الصحاري يمكن أن تكون أحد الحلول لمشكلة احتجاز الكربون.

ويجادل المؤلفون بأنه يمكننا تحويل النظم البيئية القاحلة إلى أنظمة فعالة لالتقاط الكربون مع تحسين صحة التربة، وتعزيز كفاءة التمثيل الضوئي، وزيادة الكتلة الحيوية الجذرية بواسطة هندسة مجموعات مثالية من النباتات، وميكروبات التربة، ونوع التربة لتسهيل عملية جيوكيميائية حيوية تحدث بشكل طبيعي تسمى مسار كربونات الأوكسالات[2] لإنشاء أحواض كربون تحت الأرض.

“إن إعادة تخضير الصحارى من خلال استعادة وظائف النظام البيئي، بما في ذلك عزل الكربون، يجب أن يكون النهج التفضيلي”، كما كتب فريق البحث، بقيادة كبير المؤلفين وعالم النبات هيريبرت هيرت من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وأضاف: “إن ميزة استصلاح المناطق القاحلة لإعادة تخضيرها وعزل الكربون هي أنها لا تتنافس مع الأراضي المستخدمة في الزراعة وإنتاج الغذاء”.

دور الأوكسالات في عزل الكربون

تستفيد هذه الطريقة من نباتات المناطق القاحلة المتكيفة التي تنتج الأوكسالات، وهي أيونات تحتوي على الكربون والأكسجين والتي قد تدق جرسًا إذا كنت سيئ الحظ بما يكفي لتعاني من حصوات الكلى أو النقرس. وتستخدم بعض ميكروبات التربة الأوكسالات كمصدر وحيد للكربون، وبذلك تفرز جزيئات الكربونات في التربة. وتتحلل الكربونات عادة بسرعة، ولكن إذا تمت زراعة هذه الأنظمة الميكروبية النباتية في تربة قلوية وغنية بالكالسيوم، فإن الكربونات تتفاعل مع الكالسيوم لتكوين رواسب مستقرة من كربونات الكالسيوم.

ويدور الكربون بشكل طبيعي بين الغلاف الجوي والمحيطات والأنظمة البيئية الأرضية، ولكن تصرفات الإنسان أدت إلى تراكم كميات زائدة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وحتى لو تمكنا من خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فقد كتب الباحثون أن “التأثيرات المناخية الناجمة عن ارتفاع ثاني أكسيد الكربون سوف تظل غير قابلة للإصلاح لمدة ألف عام على الأقل ما لم نتمكن من عزل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي”.

الأراضي القاحلة مقابل الأشجار لالتقاط الكربون

تعتبر الأشجار نظامًا مثاليًا لاحتجاز الكربون، لكن إعادة التشجير تتنافس بشكل مباشر مع الزراعة على الأراضي الصالحة للزراعة. وفي المقابل، فإن الأراضي القاحلة، التي تشكل حوالي ثلث مساحة اليابسة، لا تستخدم للزراعة.

وفي الوقت الحالي، تدعم النظم البيئية القاحلة القليل جدًا من الحياة النباتية، حيث يمثل نقص المياه أكبر عامل مقيد. ومع ذلك، فقد تكيفت بعض النباتات مع الحياة القاحلة من خلال تطوير آليات مختلفة للتعامل مع نقص المياه ودرجات الحرارة القصوى. وتمتلك بعض النباتات المتكيفة مع المناطق القاحلة أنظمة جذرية خاصة للوصول إلى عمق التربة للاستفادة من مصادر المياه المخفية بينما يستخدم البعض الآخر أشكالًا مختلفة من التمثيل الضوئي التي تسمح لها بتقليل فقدان الماء خلال الأجزاء الأكثر حرارة من اليوم.

ومع ذلك، تنتج نباتات أخرى، تسمى النباتات “الأكسالية”، كميات كبيرة من الأوكسالات التي يمكنها تحويلها إلى ماء خلال أوقات الجفاف. ويتم ترسيب بعض الكربون الناتج عن هذه الأكسالات تحت الأرض على شكل رواسب كربون عندما تنمو النباتات المؤكسدة في ظل ظروف معينة، وهذه هي الآلية التي يريد المؤلفون استغلالها لعزل الكربون.

وكتب الباحثون: “بشكل عام، في هذا النوع من عزل الكربون، قد يتم عزل واحدة من كل ستة عشر ذرة كربون مثبتة بعملية التمثيل الضوئي إلى كربونات”.

ويقول المؤلفون إن تضخيم هذه العملية البيوجيوكيميائية التي تحدث بشكل طبيعي في الأراضي القاحلة يمكن أن يحول هذه النظم البيئية غير المنتجة والمتدهورة حاليًا إلى بالوعات كربون ذات تربة ونباتات أكثر صحة. ويقترحون البدء بـ “جزر الخصوبة” – وهي عبارة عن جيوب صغيرة من المواطن (الموائل) المعاد تخضيرها والتي يمكن أن تنتشر منها النباتات والميكروبات لتشكل سجادة من النباتات.

ويقدر المؤلفون أن هذه الأساليب يمكن أن تؤدي إلى زيادات كبيرة في عزل الكربون في النبات والتربة في أقل من عشر سنوات. ومع ذلك، فقد لاحظوا أن نجاح وسرعة الطريقة المقترحة سيعتمدان على معدل نمو النباتات (الذي يميل إلى أن يكون بطيئًا في ظل ظروف ندرة المياه) و “… سيعتمد أيضًا على الوسائل المالية والسياسية لتطبيق هذه التقنية في مختلف البلدان القاحلة”.

*تمت الترجمة بتصرف

المرجع: ““Engineering carbon sequestration on arid lands” by Heribert Hirt, Hassan Boukcim, Marc Ducousso and Maged M. Saad, 21 September 2023, Trends in Plant Science. DOI: 10.1016/j.tplants.2023.08.009

تم دعم هذا العمل بمنح من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.

المصدر:

https://scitechdaily.com/re-greening-to-the-rescue-the-carbon-capture-potential-of-deserts/

الهوامش:

[1] مجلة “اتجاهات في علوم النبات” (Trends in Plant Science) هي مجلة مراجعة شهرية أصلية ورائدة في علوم النبات، تتميز بتغطية واسعة لعلوم النبات الأساسية، من علم الأحياء الجزيئية إلى علم البيئة. وتوفر المراجعات والآراء المختصرة والمقروءة حول موضوعات البحث الأساسية لمحات عامة فورية عن التفكير الحالي والتطورات الجديدة في علم أحياء النبات.

[2] الأوكسالات هي مركبات طبيعية موجودة في الخضروات والفواكه والمكسرات والحبوب. بعض الأمثلة على الأطعمة التي تحتوي على أعلى نسبة من الأوكسالات تشمل الخضار الورقية الخضراء وفول الصويا واللوز والبطاطس والشاي والراوند والحبوب والبنجر. يتم أيضًا إنشاء الأوكسالات بشكل طبيعي في جسم الإنسان كمنتج نفايات. المصدر: https://www.chhs.colostate.edu/krnc/monthly-blog/should-i-be-avoiding-oxalates

يتضمن مسار كربونات الأوكسالات أكسدة أوكسالات الكالسيوم إلى كالسيت منخفض المغنيسيوم ويمثل بالوعة أرضية محتملة طويلة المدى لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. في هذا المسار، يرتبط تحلل الأوكسالات البكتيرية بقلوية محلية قوية وترسيب كربونات لاحق. المصدر: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/22928486

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *