مصدر الصورة: h2-view.com

باحثو جامعة ستانفورد يجدون طريقة جديدة لإنتاج الأمونيا التي لا ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Stanford researchers find new way to produce ammonia that does not emit CO2
(Anna McNulty – بقلم: آنا ماكنولتي)

ملخص المقالة:

اكتشف باحثو جامعة ستانفورد عملية كيميائية جديدة صديقة للبيئة يمكن أن تغير الطريقة الأكثر شيوعا في العالم لإنتاج الأمونيا، وهي عملية تتطلب مقدارا كبيرا من الطاقة لأن جزيء النيتروجين خامل تمامًا، مما يعني أنه لا يتفاعل بسهولة مع الهيدروجين لتكوين الأمونيا المطلوبة. وتأتي ذرات الهيدروجين في الطريقة الشائعة من غاز الميثان، في حين أن العملية الجديدة مصدر الهيدروجين فيها هو الماء، معتمدة على التفاعلية العالية لقطرات الماء الدقيقة الشديدة التفاعل. ولإنتاج الأمونيا، يتم كسر روابط النيتروجين عن طريق تحريك قطرات الماء الدقيقة وغاز النيتروجين وأكسيد الحديد (كمحفز للتفاعل) من خلال بخاخ يعمل بالغاز.

( المقالة )

في مشروع من مختبر زير (Zarelab) في جامعة ستانفورد اكتشف العلماء البروفيسور ريتشارد زير وشاوي سونغ (باحث ما بعد الدكتوراه) وتشانباشا بشير عملية كيميائية جديدة صديقة للبيئة يقولون إنها يمكن أن تغير طريقة إنتاجنا للأمونيا، وهي أساس الأسمدة الأكثر شيوعًا في العالم، إذ بلغ الإنتاج العالمي من الأمونيا في عام 2022 حوالي 150 مليون طن متري.

وتعمل الأمونيا (NH3)، وهي مركب غير عضوي من النيتروجين والهيدروجين، بمثابة لبنة لبناء الأسمدة الكيماوية للمحاصيل الزراعية. ويتم استخدام حوالي 70٪ من الأمونيا للأسمدة للمساعدة في نمو النبات بينما تستخدم نسبة الـ 30٪ الأخرى بشكل أساسي للبلاستيك والمتفجرات والألياف الصناعية.

تعمل الأمونيا (NH3) بمثابة لبنة لبناء الأسمدة للمحاصيل الزراعية. (الصورة: نيك سالازار / ذا ستانفورد ديلي The Stanford Daily)

ولأكثر من 100 عام، تم تصنيع الأمونيا من خلال عملية هيبر- بوتش[1] (Haber-Bosch)، التي تحول النيتروجين إلى أمونيا لغرض الأسمدة. وتستخدم هذه العملية حوالي 2٪ من طاقة العالم وتساهم في 1.3٪ من الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون كل عام، وفقًا للبروفيسور ريتشارد زير، رئيس مختبر زير وأستاذ كرسي مارغريت بليك ويلبور (Marguerite Blake Wilbur) في العلوم الطبيعية بجامعة ستانفورد.

“من المعروف جيدًا أن عملية هيبر- بوش هي إحدى أهم العمليات الصناعية في الكيمياء. هي في النهاية ما يستخدمه الناس لإطعام العالم”، قال البروفيسور زير. وأضاف: “اعتقد الناس في نهاية القرن التاسع عشر أننا جميعًا سنموت جوعاً في نهاية المطاف لأن السكان ينمون بشكل أسرع مما يمكننا زراعة نباتات نأكلها. ما أنقذنا هو التطور المذهل الذي قام به فريتز هيبر[2] الذي تعلم كيفية أخذ النيتروجين وتحويله إلى أمونيا”.

ووفقًا للبروفيسور زير، هذه العملية كثيفة الطاقة (أي تتطلب مقدارا كبيرا من الطاقة) لأن جزيء النيتروجين خامل تمامًا، مما يعني أنه لا يتفاعل بسهولة مع الهيدروجين لتكوين الأمونيا المطلوبة. ويجب أن تأتي ذرات الهيدروجين من مصدر، وتستخدم عملية هيبر- بوش بخار الماء لتحويل الغاز الطبيعي (الميثان CH4) إلى هيدروجين وأكسيد الكربون، منتجة ذرات الهيدروجين. ومع إضافة المزيد من البخار، يتم تحويل أكسيد الكربون إلى ثاني أكسيد الكربون، ويتم توليد المزيد من ذرات الهيدروجين.

وبالتالي فإن هذه العملية هي مصدر هائل للغازات المسببة للاحتباس الحراري. وقال البروفيسور زير إنه من المقدر أن 7٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصناعية العالمية تأتي من إنتاج الأمونيا.

وفي عملية البروفيسور زير وسونغ وبشير الجديدة لإنتاج الأمونيا، لم يكن مصدر الهيدروجين الميثان بل الماء، وبالتالي، لا ينبعث ثاني أكسيد الكربون. وأيضًا لا تتضمن عمليتهم هذه استخدام جهد كهربائي، ولا تشعيع بواسطة مصدر ضوء ويتم إجراؤها في درجة حرارة الغرفة والضغط الجوي.

وتعتمد النتائج التي توصلوا إليها على بحث حديث من مختبر زير يفحص التفاعلية العالية لقطرات الماء الدقيقة. وتميل المياه السائبة إلى أن تكون حميدة وخاملة، لكن قطرات الماء شديدة التفاعل. ووفقًا لـ سونغ، يمكن اعتبار هذه القطرات الدقيقة ضبابًا من جهاز الترطيب. وقال: “هذه خصائص صغيرة”.

وقال البروفيسور زير إن المختبر وجد أن قطرات الماء الدقيقة تنتج تفاعلًا كيميائيًا قويًا عند الاصطدام بالأسطح الصلبة. ولإنتاج الأمونيا، يكسر فريق العلماء روابط النيتروجين عن طريق تحريك قطرات الماء الدقيقة وغاز النيتروجين وأكسيد الحديد من خلال بخاخ يعمل بالغاز. وتعتمد العملية على قدرة قطرات الماء الدقيقة على التفاعل مع الأسطح الصلبة.

ويعمل أكسيد الحديد كمحفز للتفاعل – يسرع التفاعل دون أن يتغير. وقد وضع الباحثون المحفز في شبكة من الجرافيت من أجل البخاخ، الذي يقوم بعد ذلك بإطلاق قطرات دقيقة، حيث يتفاعل الماء والنيتروجين الذي يتم ضخه بمساعدة المحفز لتكوين الأمونيا.

وعندما وجد الفريق أنه بإمكانهم إنتاج الأمونيا بدون ثاني أكسيد الكربون، كانوا متحمسين، وفقًا لـ سونغ، لكنهم حذرون. و قال سونغ: “كان علينا أن نتشدد بشأن ما إذا كانت هذه هي النتيجة المتوقعة، وكنا بحاجة إلى العديد من الضوابط”.

وقال البروفيسور زير: “لكي تكون هذه صفقة كبيرة، يجب توسيع نطاقها وإثبات أن جميع الخطوات المتضمنة لها معنى اقتصادي جيد”، قال البروفيسور زير. وتابع: “لم نحل المشكلة بعد – لا تزال هذه قطرات دقيقة نحن نتحدث عنها”.

وقال البروفيسور زير إن الخطوة التالية لتوسيع نطاق هذا المشروع هي التعاون مع المهندسين. وقال إن الجدول الزمني للحصول على الأمونيا على نطاق واسع يجب أن يستغرق أقل من خمس سنوات، لكنه سيستغرق سنة واحدة على الأقل. وأضاف أن عملية هيبر- بوش استغرقت خمس سنوات حتى تنتهي.

وقال إريك ماكشين، باحث ما بعد الدكتوراه في الهندسة الكيميائية في مجموعة كارغنيلو[3] في جامعة ستانفورد: “هذا تقدم رئيسي يمكن أن يعزز بشكل كبير استدامة إنتاج الأمونيا إذا تم نشره على نطاق واسع”. وتابع:

“استخدام الماء بدلاً من الهيدروجين كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا يمكن أن يقلل من متطلبات الطاقة الإجمالية لإنتاج الأمونيا”.

كما اتفق ماكشين مع الباحثين على أن “التحدي يكمن في توسيع نطاق عملياتهم وضمان إنتاجية عالية بما فيه الكفاية من الأمونيا”. وقال البروفيسور زير: “إذا نجح الأمر حقًا، فهو ضخم. سيخفض من تكلفة الغذاء، وسيساعدنا فيما يتعلق بتغير المناخ. إنه أمر ضخم إذا كان يمكن القيام به حقًا”.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://stanforddaily.com/2023/05/18/stanford-researchers-find-new-way-to-produce-ammonia-that-does-not-emit-co2/

الهوامش:

[1] عملية هيبر-بوش (Haber-Bosch) هي عملية تثبت النيتروجين بالهيدروجين لإنتاج الأمونيا – وهي جزء مهم في تصنيع الأسمدة النباتية. تم تطوير هذه العملية في أوائل القرن العشرين بواسطة فريتز هيبر وتم تعديلها لاحقًا لتصبح عملية صناعية لصنع الأسمدة بواسطة كارل بوش. يعتبر العديد من العلماء والعلماء عملية هابر بوش واحدة من أهم التطورات التكنولوجية في القرن العشرين. عملية هيبر-بوش مهمة للغاية لأنها كانت أول العمليات التي تم تطويرها والتي سمحت للناس بإنتاج الأسمدة النباتية بكميات كبيرة بسبب إنتاج الأمونيا. كانت أيضًا واحدة من أولى العمليات الصناعية التي تم تطويرها لاستخدام الضغط العالي لإنشاء تفاعل كيميائي (ري-دوبري، 2011Rae-Dupree ، 2011). وقد أتاح ذلك للمزارعين زراعة المزيد من الغذاء، مما أتاح بدوره للزراعة أن تدعم عددًا أكبر من السكان. يعتبر الكثيرون أن عملية هيبر- بوش هي المسؤولة عن الانفجار السكاني الحالي للأرض حيث أن “ما يقرب من نصف البروتين في البشر اليوم نشأ من النيتروجين المثبت من خلال عملية هيبر- بوش” (راي دوبري ، 2011). المصدر: https://www.thoughtco.com/overview-of-the-haber-bosch-process-1434563

[2] فريتز هيبر هو كيميائي ألماني (ولد في 9 ديسمبر 1868 في فروتسواف، بولندا – توفي في 29 يناير 1934 في بيس، سويسرا) وحصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1918 لاختراعه عملية هابر بوش، وهي طريقة تستخدم في الصناعة لتجميع الأمونيا من غاز النيتروجين وغاز الهيدروجين. يعتبر هذا الاختراع مهمًا للتركيب الواسع النطاق للأسمدة والمتفجرات. ويكيبيديا

[3] تواجه مجموعة كارغنيلو (Cargnello Group) في جامعة ستانفورد تحديات كبيرة باستخدام قطع صغيرة من المادة: البلورات النانوية والبنى النانوية. وهم مهتمون بمجموعة متنوعة من المواد والتطبيقات، ولكن على وجه الخصوص تلك المتعلقة بالطاقة والبيئة.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *