runnersworld.com

الوصول إلى قاع انتشاء العدائين – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Getting to the Bottom of the Runner’s High
(Gretchen Reynolds – بقلم: غريتشين رينولدز)

ملخص المقالة:

تشير دراسة أجريت على الرجال والنساء على أجهزة المشي (تريدميل treadmills)، إلى أن مجموعة من المواد الكيميائية الحيوية تشبه منتجات نبتة القنب (إندو-القنب)، من المحتمل أن تكون مسؤولة عن حالة انتشاء العدَّائين. وقد نسب علماء التمارين الرياضية في ثمانينيات القرن الماضي هذه الحالة إلى الإندورفين، بعد أن لاحظوا أن مسكنات الألم الطبيعية في الدم يرتفع مستواها عند الجري. لكن شكًا نشأ لدى علماء آخرون في الآونة الأخيرة، لأن الإندورفين لا يستطيع عبور الحاجز الدموي الدماغي، بسبب تركيبته الجزيئية، وبالتالي لن يصل إلى الدماغ ويغير الحالة العقلية. وليس من المحتمل أن ينتج الدماغ نفسه المزيد من الإندورفين أثناء التمرين، وفقًا للدراسات التي أجريت على الحيوانات. ويعتقد هؤلاء العلماء أن اندو-القنب الذي تصنعه أجسامنا، يزداد خلال الأنشطة الممتعة، وكذلك عندما نركض.  ويمكنه عبور الحاجز الدموي الدماغي أيضًا، مما يجعله مرشحًا قابلًا للتطبيق لإحداث ارتفاع في انتشاء أي عدَّاء. وقد عززت بعض التجارب السابقة هذا الاحتمال.

(المقالة)

لسنوات كنا نمنح الفضل الى هرمون الإندورفين، لكن الأمر يتعلق حقًا بإندو-القنب [المادة المخدرة في نبتة القنب] (endocannabinoids).

وفقًا لدراسة جديدة رائعة أجريت على الرجال والنساء على أجهزة المشي (تريدميل treadmills)، يمكننا التوقف عن منح الفضل لهرمون الإندورفين (مسكنات الألم الطبيعية الأفيونية التي تنتجها أجسامنا) لتسببه بالنشوة (اللذة) الطافية التي نشعر بها غالبًا أثناء ممارسة التمارين الرياضية. فقد طور العداؤون المشاركون في الدراسة تسممًا لطيفًا، يُعرف باسم انتشاء العَدَّاء، حتى لو منع الباحثون قدرة أجسامهم على الاستجابة للإندورفين، مما يشير إلى أن هذه المواد لا يمكن أن تكون وراء الضجيج. وبدلاً من ذلك، تشير الدراسة إلى أن مجموعة مختلفة من المواد الكيميائية الحيوية التي تشبه الإصدارات المحلية من القنب، والمعروفة باسم الماريجوانا، من المحتمل أن تكون مسؤولة.

وتوسع النتائج فهمنا لكيفية تأثير الجري على أجسادنا وعقولنا، كما تثير أسئلة مثيرة للاهتمام حول سبب حاجتنا إلى الشحذ قليلاً من أجل الرغبة في الاستمرار في الركض.

وفي استطلاعات الرأي والدراسات التي أجريت على العدائين عن بعد ذوي الخبرة، أفاد معظمهم بتطوير نشوة عدَّاء يانع (ناضج) على الأقل في بعض الأحيان. وتتميز هذه التجربة عادةً بنشوةٍ، أطرافُها فضفاضةٌ، وتخفيف القلق وعدم الارتياح بعد نصف ساعة أو نحو ذلك من الخطى. وفي الثمانينيات من القرن الماضي، بدأ علماء التمارين الرياضية ينسبون هذه الضجة إلى الإندورفين، بعد أن لاحظوا أن مستويات الدم من مسكنات الألم الطبيعية ترتفع في مجرى الدم لدى الناس عند الجري.

وعلى الرغم من ذلك، فقد نشأ لدى علماء آخرون شك في الآونة الأخيرة. فلا يستطيع الإندورفين عبور الحاجز الدموي الدماغي، بسبب تركيبته الجزيئية. ولذلك، حتى لو كانت دماء العدائين تحتوي على إندورفين إضافي، فإنها لن تصل إلى الدماغ وتغير الحالة العقلية. كما أنه من غير المحتمل أن ينتج الدماغ نفسه المزيد من الإندورفين أثناء التمرين، وفقًا للدراسات التي أجريت على الحيوانات.

ويعتقد هؤلاء العلماء أن اندو-القنب هي مادة مُسْكِرة على أكثر الاحتمال. وتظهر الدراسات أن إندو-القنب، الذي تصنعه أجسامنا، المشابه في التركيب الكيميائي لذاك الذي في نبتة القنب، يزداد عددًا خلال الأنشطة الممتعة، مثل رعشة الجماع، وكذلك عندما نركض. ويمكنه عبور الحاجز الدموي الدماغي أيضًا، مما يجعله مرشحًا قابلًا للتطبيق لإحداث ارتفاع في انتشاء أي عدَّاء. وقد عززت بعض التجارب السابقة هذا الاحتمال.

في إحدى الدراسات البارزة في عام 2012 ، أقنع الباحثون الكلاب والناس والقوارض بالركض على أجهزة المشي، أثناء قياس مستويات الدم من اندو-القنب. إن الكلاب والبشر ذوو قوائم معدة للعدو، بمعنى أنها تمتلك عظامًا وعضلات تتكيف جيدًا مع الجري لمسافات طويلة. أما النُمُوس [١] فهي ليست كذلك؛ إنهم ينزلقون ويسرعون بسرعة لكنهم نادراً ما يقطعون أميالاً طويلة، ولم ينتجوا المزيد من إندو-القنب أثناء الجري على أجهزة المشي. ومع ذلك، فقد أشارت الكلاب والناس إلى أنهم على الأرجح يمرون بنشوة العدَّاء ويمكن إرجاعه إلى إندو-القنب الداخلي.

ولم تستبعد تلك الدراسة دور الإندورفين، كما أدرك الدكتور يوهانس فوس (Johannes Fuss) ، مدير مختبر السلوك البشري في مركز هامبورغ-إيبندورف الطبي الجامعي في ألمانيا. وكان هو وزملاؤه مهتمين منذ فترة طويلة بكيفية تأثير الأنشطة المختلفة على العمل الداخلي للدماغ، وبعد قراءة دراسة حيوان النِّمس وغيرها، فكروا أن ينظروا الى نشوة العدَّاء عن كثب.

وقد بدأوا بالفئران، الذين لهم شغف بالعَدْو. وفي دراسة أجريت عام 2015 ، قاموا بمنع امتصاص الإندورفين كيميائيًا في أدمغة الحيوانات وتركوها تعمل، ثم فعلوا الشيء نفسه مع امتصاص إندو-القنب. وعندما تم إيقاف تشغيل نظام إندو-القنب الخاص بهم، أنهت الحيوانات ركضها بنفس القدر من التلهف والانتشاء الذي كانت عليه في البداية، مما يشير إلى أنها لم تشعر بارتفاع نشوة العدَّاء. ولكن عندما تم حظر الإندورفين، كان سلوكهم بعد الجري أكثر هدوءًا، وأكثر ابتهاجًا نسبيًا. ويبدو أنهم طوروا تلك الضجة المعتدلة المألوفة، على الرغم من أن أنظمة الإندورفين لديهم معطلة.

ولكن الفئران بالتأكيد ليست بشرًا. لذلك، ولأجل الدراسة الجديدة، التي نُشرت في فبراير 2021 في مجلة علم الغدد الصماء العصبية (Psychoneuroendocrinology) ، شرع الدكتور فوس وزملاؤه في تكرار التجربة، إلى أقصى حد ممكن، على البشر. وقاموا بتجنيد 63 من العدَّائين ذوي الخبرة، من الذكور والإناث، ودعوهم إلى المختبر، واختبروا لياقتهم البدنية وحالاتهم العاطفية الحالية، وسحبوا عينات الدم منهم، وخصصوا نصفهم بشكل عشوائي لتلقي النالوكسون، وهو دواء يمنع امتصاص المواد الأفيونية، والباقي دواء وهمي (الدواء الذي استخدموه لمنع إنود-القنب في الفئران غير قانوني لاستخدامه في البشر، لذلك لم يتمكنوا من تكرار هذا الجزء من التجربة).

ثم ركض المتطوعون لمدة 45 دقيقة ومشوا في يوم منفصل لنفس الفترة الزمنية. وبعد كل فترة رياضة، قام العلماء بسحب عينات الدم منهم وكرروا الاختبارات النفسية. كما سألوا المتطوعين عما إذا كانوا يعتقدون أنهم شعروا بارتفاع نشوة العدَّاء.

وقال معظمهم نعم، لقد شعروا بالضجيج أثناء الجري، ولكن ليس أثناء المشي، مع عدم وجود اختلافات بين مجموعات النالوكسون الوهمي. وأظهر جميعهم أيضًا زيادات في مستويات الدم من اندو-القنب بعد الجري وتغيرات مكافئة في حالاتهم العاطفية. وكانت النشوة بعد الجري أكبر وتلهفهم أقل، حتى لو تم تعطيل نظام الإندورفين لديهم.

وتعتبر هذه النتائج، بشكل عام، بمثابة ضربة لصورة الإندورفين. ويقول الدكتور فوس: “بالاقتران مع أبحاثنا على الفئران، فإن هذه البيانات الجديدة تستبعد دورًا رئيسيًا للإندورفين” في ذروة (نشوة) العدَّاء.

ومع ذلك ، لا تشرح الدراسة سبب وجود عدَّاء عالي النشوة على الإطلاق. ولم يكن هناك نشوة المشاة بين المتطوعين. ولكن الدكتور فوس يشك في أن الإجابة تكمن في ماضينا التطوري. ويقول: “عندما امتدت السافانا المفتوحة وانحسرت الغابات، أصبح من الضروري أن يصطاد البشر الحيوانات البرية عن طريق الجري لمسافات طويلة. وفي ظل هذه الظروف، من المفيد أن تكون مبتهجًا أثناء الجري”، وهو إحساس ما زال سائدًا بين العديد من العدَّائين اليوم، ولكن دون تقدير (شكر)، على ما يبدو، بسبب الإندورفين.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://www.nytimes.com/2021/03/10/well/move/running-exercise-mental-effects.html

الهوامش:

[١] جمع النِّمْسُ: حَيَوَانٌ مِنْ فَصِيلَةِ الزَّبَادِيَّاتِ، مِنْ رُتْبَةِ الضَّوَارِي الْبَرِّيَّةِ، فَرْوُهُ أَحْمَرُ اللَّوْنِ فِي الظَّهْرِ، وَأَبْيَضُ  فِي الصَّدْرِ، مُسْتَطِيلُ الْجِسْمِ وَالذَّنَبِ، قَصِيرُ الْقَوَائِمِ، يَصْطَادُ الأَفَاعِيَ وَالْجِرْذَانَ وَالْعَظَائِيَّاتِ (شبيه بـ ابن عرس – عريس في لهجة سكان القطيف). موقع almaany.com

[٢] السفانا هو نظام بيئي مختلط للأراضي الحرجية والمراعي يتميز بتباعد الأشجار على نطاق واسع بحيث لا تغلق الظُلَّة. ويكيبي.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

تعليق واحد

  1. مقالة اكثر من رائعة ومعلومات مهمة للرياضيين بالأخص.
    الشكر موصول لك مهندس ابوسيد جعفر على المجهود الذي بدلت للترجمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *