[المباني التقليدية القديمة: روح تختبئ خلف الجدران]
ليست الجدران الطينية، ولا الأقواس، ولا النوافذ الخشبية وحدها ما يجعل المباني التقليدية القديمة جميلة ، بل هو شيء أعمق، شيء لا يُرى بالعين بل يُحسّ بالقلب ، تلك الأبنية تحمل في أحجارها أنفاس من مرّوا بها، وفي زواياها بقايا همسات، وذكريات، وخطى لم تعد تُسمع.
كل شق في جدار، وكل تصدّع في سقف، يروي حكاية ، ليست بالضرورة حكاية عظيمة، لكنها صادقة.
بيت العودة، مجلس الوالد، صاباط الأطفال ، أماكن عادية للغريب، لكنها مقدّسة لمن عاشها.
الهواء فيها مختلف ، كأنه مشبع بالزمن ، الضوء لا يسقط على الجدران كما يفعل في الأبنية الحديثة، بل يتسلل بخجل، ليلامس الماضي في سكون ، وحين تهب الريح، لا تهز الأبواب فقط، بل توقظ الذكرى.
هذه المباني ليست مجرد حجر وطين ، إنها كائنات حيّة في رقاد، تختبئ أرواحها بين طبقات الطين والحجر، بين عتبات النوافذ، وتحت حجارة الأرض.
من يفهمها، لا يرممها فقط ،
بل يهمس لها، ويستأذنها.
وحين نقف أمام هذه البيوت، ونتجول بين أروقتها ، لا نراها خربة أو أطلالًا، بل مرايا لتاريخنا ولذواتنا، نلمح فيها وجوه من رحلوا وشيئاً من ملامحنا نحن.
يقولون أن المباني القديمة لا تموت، إنها فقط تنتظر من يصغي لصمتها، من يربّت على جدرانها بحنان، ويعيد إليها أنفاسها بهدوء.
لا نهدمها، بل نحتضنها، لأنها، في صمتها العتيق، تهمس في آذاننا قائلة: “أنا التاريخ”.
جميع الصور أعلاه لبيت السني الكرام الواقع بجزيرة ناروت – الديرة ، وبعدسة اسماعيل هجلس.

أخي الغالي إسماعيل هجلس
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شكرًا لك على هذه المقالة
و لكن اسمح لي أن أختلف معك في بعض النقاط.
من صورتك، يبدو أنك حدث السن و لم تعايش هذه المباني و يتضح أنك ولدت بعد قدوم الكهرباء إلى منطقتنا.
الله لا يعود علينا مباني الأيام الماضية، كنا في الليل نعيش الظلمة و الخوف من الظلام و التخويف من الجن.
كنا في الصيف نموت من الحر و الرطوبة و ضيق التنفس، و الإنارة كانت من فوانيس بائسة. وفي أيام الشتاء الممطرة كنا نحضر الطشت في الأماكن التي أسقفها تخر من المطر.
إذا احتاج الشخص إلى الاستحمام، يذهب إلى العيون للاستحمام و السباحة و قضاء الحاجة، حيث لا يوجد حمامات في البيوت و بعض البيوت التي يوجد بها حمام، يكون واحد فقط لجميع أفراد العائلة و كنا نسميه (أدب) يستخدمه جميع أفراد العائلة. و لم يكن عندنا مجاري وقتها و لا كهرباء.
نأخذ الماء لقضاء الحاجة في أباريق و كانت الأمهات من يحضرن الماء الى البيت (تروية). كانت أيام مريرة و قاسية و لا يمدحها أي شخص عايشها. و كانت عوائل كثيرة تسكن في برستج، لا يقي من البرد و لا المطر و لا الحر و طعامنا كان مكشوفًا للذباب و الوزغ و باقي الحشرات و القوارض.
أنت عاشق للماضي لانك لم تعايش مرارة العيش في ذلك الزمان و إنما تنسجه من الخيال بأنه جميل.
سامحني اختلفت معك، متعك الله بالصحة و العافية.